في كل عام، وتحديدًا في الأول من مايو، تتوقف عقارب الزمن قليلًا في شوارع المصانع ومكاتب النقابات والمؤسسات الحكومية لتُحيي المجتمعات ذكرى عيد العمال، المعروف عالميًا باسم يوم العمال العالمي. وفي عام 2025، يصادف عيد العمال يوم الخميس الموافق 1 مايو، ليحمل معه إرثًا من النضال والكفاح العمالي الذي بدأ قبل أكثر من قرن ونصف.
تحتفل العديد من الدول بهذا اليوم باعتباره عطلة رسمية، تتجدد فيه الدعوات إلى تحسين ظروف العمل، وتُسترجع خلاله محطات بارزة من تاريخ الطبقة العاملة حول العالم.
الأصل التاريخي لعيد العمال: من فيلادلفيا إلى العالم
يرجع أصل عيد العمال إلى حركة عمالية انطلقت في الولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر. في عام 1869، أسس عمال صناعة الملابس في فيلادلفيا، إلى جانب عمال من قطاعات أخرى كالأثاث والمناجم، تنظيمًا نقابيًا عُرف باسم “فرسان العمل”. وقرر هذا التنظيم أن يكون 1 مايو يومًا سنويًا لتجديد المطالبة بتقليص ساعات العمل إلى ثماني ساعات فقط.
لكن الحدث الفاصل كان في 1 مايو 1886، حين شهدت الولايات المتحدة نحو 5000 إضراب في يوم واحد، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ العمالي الأميركي. ورفع العمال شعارهم الشهير:
“8 ساعات للعمل – 8 ساعات للراحة – 8 ساعات للنوم”
ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات، بدأ الأول من مايو يتحول إلى رمز عالمي لنضال الطبقة العاملة من أجل حقوقها الأساسية.
أوروبا تتفاعل: من التضامن إلى التشريع
انتقلت شرارة الاحتجاجات من أميركا إلى القارة الأوروبية، حيث خرجت مظاهرات متزامنة في عدد من العواصم الأوروبية مطالبة بـ تقنين ساعات العمل. وبدأت بعض الدول في اتخاذ إجراءات تشريعية تضمن حقوق العمال، وتحويل هذا اليوم إلى مناسبة رسمية.
وفي المقابل، سعت بعض الحكومات إلى امتصاص زخم الاحتجاجات، فتحولت المناسبة من “يوم صراع طبقي” إلى يوم استيعاب وتعاون بين الدولة والطبقة العاملة.
عيد العمال في مصر: من الاحتجاج إلى الخطاب الرسمي
لم تكن مصر بمعزل عن هذه التحركات. ففي عام 1924، نظّم عمال مدينة الإسكندرية احتفالًا واسعًا في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال، تبعه خروج مظاهرة ضخمة، شكّلت نواة الاحتفال بعيد العمال على الطراز المصري.
ومع صعود الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومع سياسات التأميم التدريجي، تحوّلت المناسبة إلى احتفال رسمي. وفي عام 1964، صدر قرار باعتبار الأول من مايو عطلة رسمية، يُلقي فيها رئيس الجمهورية خطابًا سياسيًا بحضور قيادات الحركة العمالية.
عيد العمال في العالم الحديث: بين الذاكرة والحقوق
رغم أن أهمية عيد العمال تراجعت نسبيًا في بعض البلدان، خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فإن المناسبة لا تزال حية في وجدان الطبقة العاملة حول العالم.
- في ألمانيا، أصبح الأول من مايو عطلة رسمية عام 1933، لكن المفارقة كانت في قيام النظام النازي بإلغاء النقابات الحرة في اليوم التالي مباشرة، في مشهد يُجسد التناقض بين الرمز والممارسة.
- في الولايات المتحدة، لا يُعترف رسميًا بـ1 مايو كعيد للعمال، وتم استحداث “يوم العمل” في سبتمبر بقرار سياسي للحد من رمزية مايو الاشتراكية.
- في دول مثل الهند، البرازيل، الصين، إيطاليا، فرنسا، وغيرها، لا يزال يوم العمال عطلة رسمية تُقام خلالها مسيرات ومهرجانات سياسية ونقابية.
موعد عيد العمال 2025: عطلة رسمية في العديد من الدول
في عام 2025، يُصادف عيد العمال يوم الخميس 1 مايو. ويُتوقع أن يكون:
- عطلة رسمية في دول مثل مصر، الجزائر، تونس، العراق، السودان، سوريا، لبنان.
- مناسبة لإطلاق حملات توعية بحقوق العمال في دول أخرى.
- فرصة للجهات الرسمية والنقابات لإلقاء خطابات رمزية تؤكد دعم العمال ودورهم في التنمية.
الأسئلة الشائعة حول عيد العمال
متى موعد عيد العمال 2025؟
يوافق يوم الخميس 1 مايو 2025.
هل هو عطلة رسمية؟
نعم، في معظم الدول العربية والإسلامية مثل مصر، ويختلف تصنيفه بين دولة وأخرى.
ما أصل عيد العمال؟
بدأ في أميركا عام 1869، وبرز عالميًا بعد إضرابات 1 مايو 1886، ليصبح رمزًا عالميًا لنضال العمال.
هل لا يزال يحتفظ بأهميته؟
نعم، لا سيما في الدول ذات البُنية العمالية القوية أو حيث ما تزال النقابات فاعلة ومؤثرة.
خاتمة: يوم العمال… التاريخ لا يُنسى
رغم تغيّر العالم، وتطوّر أنماط العمل، لا يزال عيد العمال يحتفظ بهيبته كذكرى خالدة لنضالات بشرية طالبت بالكرامة، وغيّرت مجرى التاريخ. وفي عيد العمال 2025، تتجدد الذكرى، وتتجدد معها مسؤولية الحكومات والنقابات لحماية مكتسبات العمال، وضمان بيئة عمل إنسانية وعادلة.
