في يوم وصفه مراقبو الأسواق بـ”الأعظم” من حيث النمو المالي، أضاف أغنى أغنياء العالم مجتمعين 304 مليارات دولار إلى صافي ثرواتهم خلال جلسة تداول واحدة، وهو أكبر ارتفاع يومي تشهده قائمة بلومبرغ للمليارديرات منذ انطلاقها في عام 2013.
جاء هذا الارتفاع التاريخي نتيجة لارتداد حاد في مؤشرات الأسهم الأميركية، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليقًا مؤقتًا لبعض الرسوم الجمركية المفروضة على شركاء تجاريين رئيسيين، في خطوة خففت من مخاوف المستثمرين وأسهمت في إعادة الثقة إلى الأسواق.
الأسواق تنتعش ومؤشر بلومبرغ يسجل قفزة تاريخية
ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة هي الأعلى منذ عام 2008، بينما قفز مؤشر “ناسداك المجمع” بأسرع وتيرة منذ أكثر من 24 عامًا، ما أدى إلى تحقيق أغنى 500 شخص في العالم زيادة متوسطة بنسبة 3.5% في ثرواتهم.
هذه المكاسب الكبيرة لم تكن متوقعة، خصوصًا بعد أسبوع عصيب شهد انهيارات حادة بسبب إعلان الرسوم الجمركية، ما تسبب بخسائر ثقيلة قبل أن يأتي القرار المفاجئ لترمب في منتصف يوم الأربعاء ليقلب المشهد رأسًا على عقب.
ترمب ينعش الأسواق: تعليق الرسوم يغيّر كل شيء
كانت الأسواق العالمية تتجه نحو موجة من التراجع الحاد، بفعل الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية على عشرات الشركاء التجاريين. لكن ترمب قرر تعليق بعض الرسوم مؤقتًا، في خطوة رأى فيها المحللون محاولة لامتصاص الغضب المحلي والدولي، وإعطاء الأسواق فرصة لالتقاط أنفاسها.
وقد أدى هذا الإعلان إلى ارتداد سريع في الأسهم الأميركية والعالمية، ما ساهم مباشرة في تضخيم ثروات كبار المستثمرين، وفي مقدمتهم مؤسسو ومديرو كبرى الشركات التكنولوجية.
من هم أكبر الرابحين؟
إيلون ماسك: 36 مليار دولار في يوم
تصدر المشهد رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا”، الذي أضاف 36 مليار دولار إلى ثروته خلال يوم واحد فقط، بعد أن ارتفع سهم “تسلا” بنسبة 23%، مدفوعًا بتفاؤل المستثمرين.
مارك زوكربيرغ: 26 مليار دولار إضافية
مؤسس “فيسبوك” ورئيس “ميتا بلاتفورمز”، مارك زوكربيرغ، كان الرابح الثاني في الترتيب، مع ارتفاع ثروته بما يقارب 26 مليار دولار، بفضل الأداء الإيجابي لأسهم شركات التكنولوجيا العملاقة.
جنسن هوانغ: أرباح قياسية رغم التراجع السابق
الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، جنسن هوانغ، حقق زيادة قدرها 15.5 مليار دولار بعد ارتداد سهم الشركة بنسبة 19%، وهو ما عوّض تقريبًا كامل الخسائر التي تعرضت لها أسهم الشركة في الأيام السابقة.
إرنست غارسيا الثالث: النسبة الأكبر في الارتفاع
أما من حيث النسبة المئوية، فقد كان الرابح الأكبر إرنست غارسيا الثالث، الرئيس التنفيذي لشركة “كارفانا”، الذي شهدت ثروته زيادة بنسبة 25%، مع إضافة 1.4 مليار دولار بعد قفزة سهم شركته المتخصصة في بيع السيارات المستعملة.
سياق اقتصادي: من الانهيار إلى التعافي السريع
مكاسب يوم الأربعاء جاءت بعد سلسلة من الخسائر الكبيرة في السوق، حيث تسبب إعلان ترمب الأول عن الرسوم الجمركية بتراجع عنيف في المؤشرات، واعتبر كثير من المحللين حينها أن الأسواق تتجه نحو أزمة محتملة.
لكن مع إعلان ترمب الأخير، تبددت هذه المخاوف مؤقتًا، وسادت حالة من التفاؤل بشأن إمكانية عودة الاستقرار، لا سيما في ظل استبعاد فرض رسوم جديدة على المدى القريب.
هل تستمر هذه المكاسب؟
رغم القفزة التاريخية، يبقى التساؤل الأكبر مطروحًا: هل هذه الأرباح مستدامة؟
الأسواق بطبيعتها متقلبة، والمليارديرات يعرفون جيدًا أن الثروة الورقية يمكن أن تتبخر سريعًا في حال تغيّر الاتجاهات أو صدور قرارات مفاجئة.
لكن المؤكد هو أن تصريحات السياسيين، خصوصًا في بلد بحجم الولايات المتحدة، تملك قدرة هائلة على تغيير المزاج الاستثماري في ساعات قليلة.
الأسئلة الشائعة حول قفزة ثروات المليارديرات:
ما سبب ارتفاع ثروات المليارديرات في يوم واحد؟
الإعلان المفاجئ من الرئيس ترمب بتعليق الرسوم الجمركية أدى إلى انتعاش الأسواق، ما رفع قيمة أسهم الشركات التي يملكها المليارديرات.
من كان أكبر الرابحين؟
إيلون ماسك تصدر القائمة بـ36 مليار دولار، يليه مارك زوكربيرغ، ثم جنسن هوانغ، وإرنست غارسيا الثالث.
هل يُتوقع استمرار هذه المكاسب؟
الأسواق ما تزال متقلبة، واستمرار المكاسب مرهون بتطورات السياسة الاقتصادية الأميركية.
هل هذه الزيادة في الثروات حقيقية؟
هي زيادة ورقية تعكس قيمة الأصول في السوق لحظة الارتفاع، وقد تتراجع مجددًا إذا عادت الأسواق للانخفاض.
خاتمة: ثروات ترتفع بكلمة… والأسواق لا تنسى
ما حدث يوم الأربعاء هو تذكير واضح بقوة القرارات السياسية وتأثيرها العميق على الاقتصاد وأسواق المال. وبعيدًا عن الأرقام، فإن ما شهدته الأسواق يثبت أن الثقة هي رأس المال الأهم في عالم الاستثمار، وأن التقلبات تظل السمة الأبرز لعصر تتداخل فيه السياسة بالاقتصاد.
