مال و أعمال

اليوان الصيني عند أدنى مستوى في 19 شهرًا: الصين تستخدم سلاح العملة في حربها التجارية مع أمريكا

في خطوة تُعد مؤشراً جديداً على تصاعد حدة التوتر بين بكين وواشنطن، خفضت الصين سعر صرف عملتها الرسمية “اليوان” إلى أدنى مستوى لها منذ 19 شهرًا، مما أثار قلقًا واسعًا في الأسواق المالية العالمية. التحرك، الذي أعلنه بنك الشعب الصيني يوم الخميس، يعكس توجّهًا مدروسًا من قبل بكين للرد على الرسوم الجمركية الأميركية المتصاعدة دون إثارة ذعر في الأسواق.

الخطوة تأتي في وقت تتأجج فيه الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وتؤكد استعداد الصين لاستخدام أدوات اقتصادية غير تقليدية في إدارة صراعها التجاري مع الولايات المتحدة، وعلى رأسها سلاح العملة.

تفاصيل الخفض: بنك الشعب الصيني يدفع اليوان إلى أضعف مستوياته

قبل افتتاح السوق يوم الخميس، حدد بنك الشعب الصيني سعر صرف اليوان الرسمي عند 7.2092 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ 11 سبتمبر 2023، حسب بيانات “رويترز”. ويُسمح لليوان بالتداول في نطاق 2% صعودًا أو هبوطًا حول هذا السعر الرسمي.

هذه هي المرة السادسة على التوالي التي يخفض فيها البنك المركزي الصيني سعر الصرف اليومي، ما يشير إلى توجّه استراتيجي مدروس من قبل بكين.

ما وراء القرار: توازن بين التحدي والاستقرار

تسعى الصين من خلال خفض عملتها إلى تحقيق عدة أهداف:

  1. التقليل من أثر الرسوم الجمركية الأميركية على الصادرات الصينية عبر جعل المنتجات الصينية أرخص في السوق العالمية.
  2. دعم تنافسية الاقتصاد المحلي الذي يواجه ضغوطًا نتيجة تباطؤ الطلب العالمي.
  3. الرد غير المباشر على تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قرر رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125%.

لكن في الوقت ذاته، تحرص بكين على أن يتم هذا التوجه بحذر لتجنّب هروب رؤوس الأموال أو فقدان ثقة المستثمرين في استقرار عملتها.

تصريحات رسمية: الصين مستعدة للقتال حتى النهاية

في ظل هذا التوتر، أكد وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو أن بلاده لا تزال تفضّل الحلول السلمية والتفاوضية، لكنها “ستقاتل حتى النهاية” إذا استمرت الولايات المتحدة في سياساتها التصعيدية.

وأضاف أن ما تقوم به واشنطن يُعد “انتهاكًا خطيرًا للمصالح المشروعة لكل الدول”، في إشارة إلى ما وصفه بـ”الرسوم المتبادلة” التي فرضتها الإدارة الأميركية بشكل غير عادل.

اليوان في قلب المعركة: كيف يؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي؟

خفض سعر صرف اليوان قد يبدو خطوة فنية بسيطة، لكنه في الواقع يحمل دلالات اقتصادية عميقة:

  • أسواق العملات العالمية تتأثر بشكل مباشر بتقلبات اليوان، نظرًا لدوره في التجارة الدولية.
  • المستثمرون العالميون قد يفسرون هذا الخفض على أنه علامة على ضعف الاقتصاد الصيني، ما يؤثر على قراراتهم الاستثمارية.
  • الاقتصادات الناشئة ستتأثر أيضًا بتغير أسعار الصرف، خصوصًا تلك المرتبطة بسلاسل التوريد الصينية.

هل هو خفض مقصود أم انعكاس لأزمة أعمق؟

رغم أن الصين تبرر تحركاتها بضرورات السوق والمرونة النقدية، يرى كثير من المحللين أن هذا الخفض يحمل طابعًا سياسيًا بالدرجة الأولى. وفي ظل سياسة “تحريك العملة بدون زعزعة الأسواق”، يبدو أن بكين تمارس لعبة توازن دقيقة بين التحدي للولايات المتحدة والحفاظ على استقرارها الاقتصادي الداخلي.

أسئلة شائعة حول خفض اليوان وسياسته النقدية:

لماذا خفضت الصين قيمة اليوان؟
للتقليل من أثر الرسوم الجمركية الأميركية على صادراتها، ولدعم قدرتها التنافسية عالميًا.

هل سيؤثر انخفاض اليوان على الاقتصاد العالمي؟
نعم، لأنه قد يؤدي إلى اضطرابات في سوق العملات العالمية، ويؤثر على أسعار السلع والتجارة الدولية.

هل يعني هذا أن الصين تدخل حرب عملات؟
الصين تنفي ذلك رسميًا، لكنها تستخدم سعر الصرف كأداة استراتيجية للرد على السياسات الأميركية دون اللجوء إلى إجراءات صريحة عدائية.

هل سيستمر تراجع اليوان؟
يعتمد ذلك على مدى تصاعد الحرب التجارية. إن استمر الضغط الأميركي، قد نشهد مزيدًا من التراجع المنظم.

نظرة مستقبلية: من يربح في حرب الاقتصاد العالمية؟

خفض الصين لسعر صرف عملتها يسلّط الضوء على تعقيدات المشهد الاقتصادي العالمي، حيث لم تعد المعارك تُخاض بالأسلحة التقليدية، بل بأسعار الصرف والسياسات الجمركية. ومع استمرار التصعيد بين واشنطن وبكين، تزداد الحاجة لمراقبة كل إشارة تصدر من أي من الطرفين.

وإذا كان الماضي القريب قد علمنا شيئًا، فهو أن القرارات المفاجئة—كخفض اليوان أو رفع الرسوم الجمركية—تملك القدرة على إحداث موجات عالمية تتجاوز الاقتصاد إلى السياسة والأمن والاستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى