أخبار عالمية

صراع على السلطة في إسرائيل: المحكمة العليا تعطل إقالة رئيس الشاباك ونتنياهو “مندهش”

في تطور لافت يضيف المزيد من التعقيد إلى المشهد السياسي والأمني الإسرائيلي، اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء قرار المحكمة العليا بإبقاء رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار في منصبه “محيّرًا”. جاء هذا التعليق بعد جلسة استماع مطولة عقدتها المحكمة استجابة لالتماس قدمته أحزاب المعارضة ومنظمات حقوقية غير ربحية، طعنًا في قانونية قرار الحكومة بإقالة بار. وقد أصدرت المحكمة قرارًا مؤقتًا بإبقاء بار في منصبه “حتى صدور قرار لاحق”، ودعت الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمدعية العامة للدولة، إلى التوصل إلى “تسوية” بشأن هذه القضية الحساسة قبل العشرين من أبريل (نيسان).

رد فعل نتنياهو السريع والمقتضب، والذي وصف فيه قرار المحكمة بـ”المحيّر”، يعكس عمق الخلاف بين الحكومة والجهاز القضائي بشأن هذه القضية. وكان نتنياهو قد أعلن في مارس الماضي أن حكومته اتخذت قرارًا بالإجماع لعزل رونين بار، معربًا عن “انعدام الثقة” به ومطالبًا إياه بمغادرة منصبه بحلول العاشر من أبريل. هذا القرار المفاجئ أثار موجة من الانتقادات والتساؤلات حول دوافعه وتوقيته، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.

جلسة الاستماع التي عقدتها المحكمة العليا شهدت نقاشات حادة ومستفيضة حول الجوانب القانونية والإجرائية لقرار الإقالة. وفي نهاية الجلسة، أعلن رئيس المحكمة القاضي يتسحاق عميت عن قرار التأجيل، ومنح الحكومة والمعارضة مهلة حتى ما بعد عيد الفصح اليهودي (الذي ينتهي في التاسع عشر من أبريل) للتوصل إلى “تسوية مبتكرة” تنهي هذا الجدل الدائر. هذا التمهل الذي منحته المحكمة يشير إلى رغبتها في تجنب إصدار حكم قضائي نهائي قد يزيد من حدة الانقسام السياسي في البلاد، وفتح المجال أمام حل توافقي بين الأطراف المعنية.

قرار المحكمة العليا بإبقاء رونين بار في منصبه مؤقتًا، مع التأكيد على أنه “سيواصل أداء مهامه حتى قرار لاحق”، يمثل انتصارًا مؤقتًا لبار والمعارضة التي تسعى للإبقاء عليه في منصبه. وقد أوضحت المحكمة في قرارها أنه “ليس هناك ما يمنع إجراء مقابلات مع المرشحين للمنصب، بدون الإعلان عن التعيين”، مما يترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية تعيين رئيس جديد للجهاز في المستقبل القريب، ربما بعد التوصل إلى التسوية المطلوبة.

خلال جلسة الاستماع، سادت أجواء متوترة داخل وخارج قاعة المحكمة، حيث نظمت تحركات احتجاجية دفعت القضاة إلى تعليق الجلسة التي كانت تُبث مباشرة للجمهور لمدة تقارب الساعة. هذا يعكس مدى حساسية القضية والانقسام العميق في الرأي العام الإسرائيلي بشأن مستقبل قيادة جهاز الأمن الداخلي.

المحامي تسيون عمير، الذي يمثل الحكومة في هذه القضية، وصف الالتماس المقدم من المعارضة بأنه “التماس سياسي بحت”، في محاولة لتقويض حجج المعارضة والمنظمات الحقوقية التي تسعى للإبقاء على بار في منصبه.

من جانبه، عارض رونين بار بشدة قرار إقالته، واصفًا ادعاءات نتنياهو بـ”اتهامات عامة غير مدعومة بالأدلة” وأنها تهدف إلى “تغليب اعتبارات تشوبها المصلحة الشخصية”. وقد ذهب بار إلى أبعد من ذلك بالقول إن قرار عزله يهدف إلى “منع التحقيقات في الأحداث التي أدت إلى السابع من أكتوبر (تشرين الأول)”، في إشارة ضمنية إلى الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل وتداعياته الأمنية والاستخباراتية. هذه التصريحات الحادة من رئيس الشاباك تزيد من حدة المواجهة بينه وبين رئيس الوزراء وتلقي بظلال من الشك على دوافع قرار الإقالة.

أبعاد الخلاف وتأثيره على المشهد الإسرائيلي

إن الخلاف حول إقالة رئيس الشاباك رونين بار لا يمكن فصله عن السياق السياسي والقانوني المتوتر في إسرائيل. فالعلاقة بين حكومة نتنياهو والجهاز القضائي تشهد توترات متصاعدة منذ فترة طويلة، خاصة فيما يتعلق بمحاولات الحكومة لإضعاف سلطة المحكمة العليا من خلال التعديلات القضائية المقترحة. قرار المحكمة العليا بالتدخل في قرار إقالة رئيس جهاز أمني حساس مثل الشاباك يمثل تصعيدًا لهذه المواجهة، ويؤكد على استقلالية القضاء الإسرائيلي وإصراره على ممارسة دوره الرقابي على قرارات السلطة التنفيذية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التوقيت الحساس لقرار الإقالة، في ظل التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها إسرائيل على مختلف الجبهات، يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذا الخلاف على أداء جهاز الشاباك وقدرته على مواجهة هذه التحديات بفعالية. تصريحات رونين بار حول محاولة منع التحقيقات في أحداث السابع من أكتوبر تضيف بعدًا آخر لهذه القضية، حيث تشير إلى احتمال وجود خلافات جوهرية بين قيادة جهاز الأمن ورئيس الوزراء بشأن تقييم الإخفاقات الاستخباراتية والأمنية التي سبقت الهجوم.

دعوة المحكمة العليا للأطراف المعنية للتوصل إلى تسوية قبل العشرين من أبريل تمثل محاولة لتهدئة التوترات وإيجاد حل وسط يحفظ هيبة الحكومة واستقلالية القضاء ويضمن استقرار قيادة جهاز الشاباك في هذه المرحلة الحرجة. ومع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الأطراف المعنية ستكون قادرة على التوصل إلى مثل هذه التسوية في ظل الخلافات العميقة والمواقف المتباعدة.

الأسئلة الشائعة:

  • لماذا أراد نتنياهو إقالة رئيس الشاباك رونين بار؟ أعلن عن “انعدام الثقة” به.
  • ما هو رد فعل المحكمة العليا على قرار الإقالة؟ علقت الإقالة مؤقتًا ودعت إلى تسوية بين الأطراف.
  • ما هو موقف رونين بار من قرار إقالته؟ يعارضه بشدة ويصف ادعاءات نتنياهو بأنها غير مدعومة بالأدلة.
  • ما هي المهلة التي منحتها المحكمة العليا للتوصل إلى تسوية؟ حتى ما بعد عيد الفصح اليهودي، أي قبل 20 أبريل.
  • ما هي الحجة الرئيسية للمعارضة ضد إقالة بار؟ الطعن في قانونية قرار الحكومة.

ختاماً:

إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإبقاء رئيس الشاباك رونين بار في منصبه مؤقتًا، ورد فعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “المحيّر” على هذا القرار، يسلط الضوء على صراع متصاعد بين السلطتين التنفيذية والقضائية في إسرائيل. وبينما تسعى المحكمة إلى إيجاد تسوية تحافظ على استقلاليتها وتجنب المزيد من الانقسام السياسي، يبقى مستقبل قيادة جهاز الأمن الداخلي معلقًا في ظل الخلافات العميقة والدوافع المتضاربة. إن التطورات القادمة قبل المهلة التي حددتها المحكمة ستكون حاسمة في تحديد مسار هذه القضية وتأثيرها على المشهد السياسي والأمني الإسرائيلي في الفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى